حسابات معقدة.. وواقع أبسط
في عالم كرة القدم، حيث تتداخل العاطفة مع المنطق، تظهر أحيانًا سيناريوهات على الورق تبدو أقرب للخيال منها للواقع. هذا ما حدث مؤخرًا مع الحديث عن فرص تأهل تركيا المباشر لكأس العالم 2026 على حساب إسبانيا. فالوصول إلى هذا الهدف يتطلب معجزة حقيقية: خسارة لاروخا بنتيجة 14-0 أمام تركيا في إشبيلية. رقم مذهل لدرجة أنه يجبرنا على التساؤل عن مدى إمكانية حدوث ما هو مستحيل، أو ما يبدو مستحيلًا على الأقل.
استحالة رياضية أم تحذير؟
إن فكرة خسارة منتخب بحجم إسبانيا، بطل العالم وأوروبا السابق، بنتيجة 14-0 في مباراة رسمية على أرضه، هي أقرب إلى الفكاهة الرياضية منها إلى التحليل الجاد. فريق يضم نخبة من المواهب ويدافع عن سمعته الكروية العريقة، نادرًا ما يتلقى هزائم مذلة بهذه الطريقة، ناهيك عن نتيجة قياسية كهذه. فمثل هذه النتائج عادة ما نشاهدها بين فرق من مستويات متباينة جدًا، وليس بين منتخبين وطنيين في تصفيات كأس العالم.
ثقة لاروخا.. وحذر توريس
وسط هذا الجدل، جاء تعليق فيران توريس، مهاجم برشلونة والمنتخب الإسباني، ليعكس مزيجًا من الثقة والحذر. بتصريحه بأن “لا يجب أبدًا اعتبار شيء محسومًا”، يظهر توريس وعيًا احترافيًا، يؤكد أن كرة القدم لا تخلو من المفاجآت مهما بدت النتيجة مستبعدة. ومع ذلك، لم يتردد في التعبير عن “ثقة لاروخا في أنفسهم”، وهو ما يترجم الحالة الذهنية التي يجب أن يتمتع بها أي فريق كبير قبل مواجهة مصيرية.
عندما تتحدث الأرقام.. والواقع
صحيح أن كرة القدم علمتنا أن لا شيء مستحيل وأن الكرة مدوّرة، لكن هناك حدود للمنطق الرياضي. الفارق الفني والتكتيكي بين إسبانيا وتركيا، ورغبة الإسبان في حسم التأهل المباشر بأريحية، يجعل من سيناريو 14-0 محض خيال. الأرقام القياسية بهذه الضخامة تحدث في ظروف استثنائية جدًا، وغالبًا ما تكون بعيدة كل البعد عن مباريات بهذا الحجم والأهمية، حيث يتوقع أداء احترافي وجاد من كلا الطرفين.
هدف إسبانيا الحقيقي
بالنسبة للمنتخب الإسباني، لا يتعلق الأمر بتجنب خسارة بـ14 هدفًا، بل بتحقيق الفوز لحسم بطاقة التأهل بشكل مؤكد ومواصلة بناء الفريق. ستكون المباراة فرصة لتقديم أداء قوي، ربما تجربة بعض اللاعبين أو الخطط، والأهم هو إرسال رسالة واضحة عن جاهزيتهم للمنافسة في البطولات الكبرى. الفوز هو الهدف، والمحافظة على شباك نظيفة هو أمر بديهي لفريق يطمح للمنافسة على كأس العالم.
التركيز والاحترافية
في النهاية، ما قاله فيران توريس يلخص روح الاحترافية المطلوبة: الثقة بالنفس دون الوقوع في فخ الاستهانة بالخصم، مهما كانت الفروقات النظرية كبيرة. على الرغم من أن سيناريو 14-0 يبدو مستحيلًا، فإن كل مباراة لها ظروفها. لكن الأمر المؤكد هو أن إسبانيا ستدخل المباراة بهدف الفوز والحسم، تاركة الأرقام الخيالية والتكهنات المبالغ فيها لأروقة النقاش بعيدًا عن المستطيل الأخضر، حيث يتحدث الأداء والنتائج.
المصدر:https://hihi2.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق