صخب الإعلان وردود الأفعال المتباينة
بمجرد الكشف عن طائرة فلاي ناس، التي اكتست بالكامل بشعار وألوان الهلال، اشتعلت منصات التواصل الاجتماعي بالنقاش. كانت منصة X (تويتر سابقاً) تمتلئ بالتبريكات من جماهير الهلال، احتفالاً بهذا الحدث الجديد في تاريخ أنديتنا. وفي المقابل، ظهرت موجة من التغريدات الساخرة والمحاولة للتقليل من شأن الحدث من قبل عدد من الإعلاميين والمؤثرين المحسوبين على النصر. من جهتي، أرى ضرورة التعامل مع أي حدث بموضوعية، بعيداً عن المبالغة في الوصف، سواء بالإيجاب أو السلب، فكل شيء يجب أن يؤخذ بحجمه الطبيعي.
حقيقة الشراكة وسبق عالمي
من المهم للجميع إدراك أن نادي الهلال لم يمتلك الطائرة أو يقم بشرائها؛ بل هي مملوكة للشركة المشغلة، فلاي ناس. هذه الطائرة ستستخدم في تنقلات الهلال، بالإضافة إلى رحلات مجدولة أخرى، وهو حق مشروع للشركة. ومع ذلك، يمثل هذا الحدث تميزاً فريداً، حيث ينضم الهلال إلى ثلاثة أندية عالمية فقط سبق لها أن استُخدم شعارها وألوانها لطلاء طائرة بالكامل: مانشستر سيتي مع طيران الاتحاد، وباريس سان جيرمان مع الخطوط الجوية القطرية. هذا يعكس شراكة استثمارية ذكية وخطوة تسويقية رائعة من الهلال وشريكه فلاي ناس، ولا غرابة في أن يطلق على هذه الطائرة تحديداً اسم "فلاي هلال".
سوابق الرعاية ومستقبل التعاون الجوي
بالنظر إلى تاريخ الرعايات، سبق لطيران الاتحاد رعاية ناديي الاتحاد ثم النصر، لكن فكرة طلاء طائرة بالكامل بلون أحد الفريقين لم تخطر ببال مسيري تلك الأندية آنذاك. ونذكر أيضاً رعاية الخطوط القطرية للنادي الأهلي، ولو اكتمل مشروع "طيران المها" التابع لها وقتها، لربما شهدنا طائرة تحمل شعار "الراقي". كما قامت طيران الإمارات بوضع ملصق مؤقت يحمل شعار وصور لاعبي ريال مدريد، وفعلت الشيء نفسه مع ميلان، لكنها لم تفعل ذلك مع أرسنال. محلياً، وضعت أرامكو ملصقاً على طائراتها بشعار القادسية لنقل جماهيره في نهائي كأس الملك. واليوم، طيران الرياض يرعى أتليتكو مدريد، وربما يفكر في خطوة مماثلة (سواء بالطلاء الكامل أو الملصق) بعد استلام طائراته مستقبلاً.
تحليل النقد التهكمي: هل غابت الرؤية؟
توالت التغريدات التهكمية من إعلاميين ونشطاء نصراويين على منصة X، في محاولة للتقليل من شأن هذه الخطوة الفريدة. بعضهم قال إن قيمة المدرب جيسوس توازي أسطولاً من الطائرات، وآخر غرد بأن طيران الرياض يرغب في رعاية النصر وسيقوم بطلاء إحدى طائراته بشعار النادي، رغم أن هذه الشراكة لم تُعلن بعد، ولم يتسلم طيران الرياض طائراته أساساً. مثل هذه التغريدات تأتي من إعلاميين يفترض أنهم كبار ويدركون أن الكرة السعودية وأنديتها دخلت سباقاً مع الزمن في الأمور التسويقية والاقتصادية والشراكات المميزة، بغض النظر عن ألوان الأندية والميول والتعصب المقيت.
ما وراء الألوان: قاطرة التنمية الرياضية
هذا الحدث، وما شابهه من خطوات، يجب أن يُنظر إليه على أنه جزء من استراتيجية أكبر لتطوير الرياضة السعودية. الأندية ليست مجرد فرق تتنافس على الألقاب، بل أصبحت كيانات اقتصادية وتسويقية تسهم في تعزيز مكانة المملكة على الخارطة الرياضية العالمية. الشراكات المبتكرة والتسويق الذكي يرفعان من قيمة الدوري السعودي ككل، ويجذبون المزيد من الاستثمارات والاهتمام. هذه هي روح المنافسة الصحية، التي تتجاوز حدود التعصب وتنظر إلى المصلحة العامة لتنمية قطاع رياضي مزدهر ومستدام.
تهنئة واستشراف لمستقبل مشرق
هنيئاً للهلال وفلاي ناس على هذه الفكرة التسويقية الذكية والمبتكرة. ومبروك لكل الهلاليين على "فلاي هلال"، بعيداً عن المبالغة والتهكم الذي لا يخدم أحداً. إن مثل هذه المبادرات تؤكد على الحراك الكبير الذي يشهده المشهد الرياضي السعودي، وتدفع بالجميع نحو مزيد من الاحترافية والابتكار. لنأمل أن نرى المزيد من هذه الشراكات المميزة التي تثري رياضتنا، وتجعلنا نفخر بإنجازات أنديتنا على كافة الأصعدة، متطلعين لمستقبل تتنافس فيه الأندية ليس فقط على الألقاب، بل على التميز التسويقي والاستثماري أيضاً.
المصدر:https://www.alyaum.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق