روماس زاباروسكاس: مخرج يكسر القوالب ويكشف الوجه الحديث لليمين المتطرف - طريق الأمل

إعلان فوق المشاركات

روماس زاباروسكاس: مخرج يكسر القوالب ويكشف الوجه الحديث لليمين المتطرف

روماس زاباروسكاس: مخرج يكسر القوالب ويكشف الوجه الحديث لليمين المتطرف

شارك المقالة

سينما تتجاوز الحدود: "الناشط" يصل إلى العالمية

في عالم السينما الذي غالبًا ما يكرر نفسه، يبرز فيلم "الناشط" (The Activist) للمخرج الليتواني روماس زاباروسكاس كصوت مختلف ومثير للجدل. مع انطلاقته الدولية في مهرجان تالين السينمائي المرموق، لا يقدم الفيلم نفسه كفيلم تشويق وإثارة من نوع "النوار" فحسب، بل كمنصة فنية جريئة تطرح أسئلة ملحة حول مجتمعاتنا المعاصرة. إنه عمل يتجاوز الترفيه ليصبح مرآة تعكس التوترات السياسية والاجتماعية، ويضع السينما الليتوانية في قلب الحوار العالمي.

كسر الصور النمطية: مهمة فنية وسياسية

إحدى أهم الرسائل التي يحملها زاباروسكاس في جعبته هي تحدي القوالب الجاهزة. لا يكتفي المخرج بتقديم شخصيات كويرية (من مجتمع الميم)، بل يسعى لتفكيك الصورة النمطية التي غالبًا ما تُلصق بهم في الإعلام والسينما. من خلال "الناشط"، يؤكد أن هذه الشخصيات ليست مجرد ضحايا أو رموز، بل هي كائنات مركبة ذات دوافع وأبعاد إنسانية معقدة. هذه الرؤية تحول الفيلم من مجرد قصة إلى بيان فني يطالب بإعادة النظر في كيفية تمثيل الأقليات على الشاشة الكبيرة.

الوجه المخادع لليمين المتطرف: حداثة مقلقة

لعل أكثر جوانب الفيلم إثارة للقلق والتحليل هو طريقة تصويره لليمين المتطرف. يبتعد زاباروسكاس بذكاء عن الكاريكاتير المعتاد للشر، ويقدم لنا خصومًا ليسوا مجرد مجموعة من الغوغائيين، بل هم أفراد يستخدمون أدوات الحداثة ووسائل التواصل الاجتماعي ببراعة لنشر أيديولوجيتهم. هذا التصوير يكشف عن حقيقة مخيفة: أن التطرف اليوم لم يعد مقتصرًا على الهوامش، بل أصبح يتقن لغة العصر الرقمي، مما يجعله أكثر انتشارًا وخطورة. إنها دعوة للاستيقاظ من وهم أن الشر له وجه واحد وبدائي.

الفن خارج الصندوق: هل تخاطب السينما المستقلة جمهورها فقط؟

يوجه المخرج نقدًا لاذعًا ومهمًا للسينما الفنية أو المستقلة، مشيرًا إلى أنها في كثير من الأحيان "تعظ المؤمنين"، أي أنها تخاطب فقط جمهورًا يتفق معها مسبقًا. يرى زاباروسكاس أن الفن الحقيقي يجب أن يقتحم المساحات غير المريحة ويثير حوارًا مع من يختلفون معه. فيلمه "الناشط" مصمم ليكون جسرًا أو ربما ساحة مواجهة، فهو يستخدم قالب أفلام التشويق الجماهيرية لجذب شريحة أوسع من المشاهدين، ومن ثم يطرح عليهم أفكاره العميقة. إنها استراتيجية ذكية تهدف إلى جعل الفن أداة تغيير حقيقية وليست مجرد صدى في غرفة مغلقة.

ثلاثية الكوير: نظرة أعمق في عالم زاباروسكاس

لم يأتِ فيلم "الناشط" من فراغ، بل هو جزء من مشروع فني أكبر وأكثر طموحًا: "ثلاثية الكوير". هذا الإعلان يضع الفيلم في سياق أوسع، ويؤكد التزام المخرج طويل الأمد باستكشاف حيوات وتحديات مجتمع الميم في أوروبا الشرقية. تكشف هذه الثلاثية عن رؤية متكاملة تسعى لرسم خريطة إنسانية وسياسية لهذه التجارب، مما يجعل أعمال زاباروسكاس ليست مجرد أفلام منفصلة، بل فصول مترابطة في رواية سينمائية كبرى عن الهوية والمقاومة في القرن الحادي والعشرين.

ما وراء الشاشة: سينما المواجهة والمستقبل

في الختام، يمثل روماس زاباروسكاس وفيلمه "الناشط" تيارًا سينمائيًا نحن بأمس الحاجة إليه اليوم. تيار لا يخشى المواجهة، ويستخدم الفن كأداة للتحليل وليس فقط للتسلية. من خلال تحدي الصور النمطية، وكشف الأوجه الخفية للتطرف، ومحاولة الوصول إلى جمهور جديد، يثبت زاباروسكاس أن السينما لا تزال قادرة على أن تكون ضمير المجتمع، وأن أقوى القصص هي تلك التي تجبرنا على النظر إلى الحقائق التي نفضل تجاهلها.

المصدر:https://www.hollywoodreporter.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان اسفل المشاركات

كن على أتصال

أكثر من 600,000+ متابع على مواقع التواصل الإجتماعي كن على إطلاع دائم معهم

أحدث الاخبار