للموسيقى قدرة عجيبة على السفر عبر الزمن، وهناك أسماء فنية تظل خالدة، يتردد صداها عبر الأجيال كأنها جزء من نسيجنا الثقافي. الفنان العظيم محمد فوزي هو أحد هؤلاء العمالقة الذين تركوا إرثًا لا يُمحى. لكن أحيانًا، وبشكل غير متوقع، يعود هذا الإرث ليظهر في الحاضر بطريقة مدهشة، وهذا بالضبط ما حدث على مسرح برنامج The Voice في موسمه السادس.
أحدث متسابق ذو وجه واسم مألوفين ضجة كبيرة بين لجنة التحكيم والجمهور، فلم يكن مجرد صوت جديد، بل كان لحظة تقاطع فيها الماضي العريق مع المستقبل الواعد. لقد كان ظهور كريم الحو، قريب الفنان الراحل، بمثابة شرارة أشعلت الحنين وكشفت عن توقعات كبيرة.
صدمة التشابه وتوقعات العالمية: الموهبة تتجاوز الملامح
بمجرد أن خطى كريم الحو على المسرح، أشعل موجة من الذهول. التشابه الكبير في الملامح بينه وبين الفنان الراحل محمد فوزي كان صادمًا، لدرجة بدت معها على الحكمين رحمة رياض وناصيف زيتون "حالة مفاجأة واضحة"، مؤكدين أن الشبه ملفت للنظر بشكل لا يمكن تجاهله.
لكن الحكم أحمد سعد نقل الأمر إلى مستوى آخر، محولًا التركيز من مجرد الشبه الجسدي إلى الإمكانيات الفنية الكامنة. ففي تعليق قوي ومباشر، وجّه كلامه لكريم قائلًا: أنت شبه جدك أوي، وعندك ميول تكون فنان عالمي وكبير.
بهذه الكلمات، لم يعد الأمر مجرد حنين للماضي، بل أصبح اعترافًا بموهبة قد تحمل الإرث الفني للعائلة إلى الساحة العالمية. هذه ليست مجرد مجاملة، بل شهادة من فنان بحجم أحمد سعد تضع على عاتق الموهبة الشابة رهانات فنية عالية، وتنقل السرد من مجرد الحنين إلى الماضي إلى مستقبل فني محتمل على المحك.
ليست مجرد قرابة: قصة "ابن عم الجد" ورائحة الحبايب
عندما سأله أحمد سعد عن صلته بمحمد فوزي، كشف كريم الحو عن طبيعة القرابة الدقيقة، مؤكدًا أن الفنان الراحل كان "ابن عم جده". أثار هذا الإعلان ردود فعل قوية بين أعضاء اللجنة، لكن كريم لم يكتفِ بالكلمات ليثبت هذا الارتباط، بل أتبعه بالفعل.
فما إن غنّى مقطعًا قصيرًا من إحدى أغنيات محمد فوزي، حتى أطلق العنان لمشاعر الحنين لدى أحمد سعد الذي علّق بتلقائية مؤثرة تلخص كل شيء: أي حاجة من ريحة الحبايب.
كانت هذه اللحظة مؤثرة للغاية لأنها لم تأتِ من فراغ؛ لقد جاءت كرد فعل مباشر على سماع صوت الإرث حيًا على المسرح. لقد لامست وترًا حساسًا يتعلق بالارتباط العاطفي بزمن الفن الجميل، وهو ما عبرت عنه كلمات سعد ببلاغة تامة.
نظرة خلف الكواليس: فلسفة أحمد سعد في "الخطف" واصطياد المواهب
أتاح هذا الموقف فرصة فريدة للتعرف على فلسفة الحكم أحمد سعد ومنهجيته في البرنامج. أوضح سعد أنه استحق مقعده في لجنة التحكيم عن جدارة بعد مجهود ضخم بذله منذ طفولته. وروى أنه بينما كان أصدقاؤه يلعبون كرة القدم، كان هو يستمع إلى عمالقة الإنشاد مثل "النقشبندي ونصر الدين طوبار"، بالإضافة إلى الألوان الغنائية العالمية.
وكشف سعد عن المعيار الأساسي الذي يبحث عنه في أي موهبة، وهو: "الصوت المختلف والإحساس". لكنه لم يكتفِ بذلك، بل كشف مازحًا عن استراتيجيته التنافسية في البرنامج، معترفًا بشكل صريح:
أنا كل ما أفعله في البرنامج هو الخطف، وأسعى لتكوين أقوى فريق ممكن.
في أداء على مسرح The Voice، لم يَعُد الماضي للظهور فحسب، بل مُنِح صوتًا جديدًا واتجاهًا مستقبليًا محتملاً. لقد ذكّرنا ظهور كريم الحو بعبقرية محمد فوزي، وفي الوقت نفسه، فتح الباب أمام موهبة شابة قد تحمل هذا الإرث العظيم نحو آفاق جديدة.
وبينما يفتح الاسم الأسطوري الأبواب، يبقى السؤال الأهم مطروحًا: هل سيكون هذا الإرث الفني مصدر قوة لكريم الحو، أم ظلًا يجب أن يسعى للخروج منه في رحلته ليصبح "أحلى صوت"؟

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق